الاخبار الاكاديميةالاخبار الاكاديمية

شاب عراقي يقدم اطروحة دكتوراه عن دور آية الله العظمى السيد علي السيستاني في العراق بعد عام 2003م

شاب عراقي يقدم اطروحة دكتوراه عن دور آية الله العظمى السيد علي السيستاني في العراق بعد عام 2003م

شاب عراقي يقدم اطروحة دكتوراه عن دور آية الله العظمى السيد علي السيستاني في العراق بعد عام 2003م

تمكن شاب عراقي من مناقشة اطروحة الدكتوراه التي جاءت تحت عنوان  (دور المرجعية الرشيدة العليا والمتمثلة بشخص السيد السيستاني (دام ظله) بعد احداث 2003م) مركزا فيها على تحليل النصوص التاريخية واخذ اراء عراقيو المهجر لتدخل المرجعية بشؤون العراق السياسية .

وان الشاب عاطف القطان شاب عراقي من مدينة الناصرية هاجر الى استراليا عام 2008 لإكمال دراساته العليا في العلاقات الدولية، فبعد حصوله على الماجستير، قدم اطروحة لرسالة الدكتوراه تحت هذا العنوان .

فبعد سقوط نظام صدام في عام 2003، برزت الكثير من الاحداث على الساحة العراقية ادت بعضها الى تدخل رجال الدين في الشأن السياسي العراقي ايجابا او سلبا مما اثار جدلا واسعا حينها، وكان من بيت تلك الشخصيات سماحة المرجع الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني زعيم الطائفة الشيعية في العراق ، وفي كثير من الدول الاسلامية،  والذي يعد ابرز شخصية دينية تركت بصمة كبيرة وواضحة في الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا، وارساء قواعد الدولة العراقية من جديد بعد الفوضى العارمة التي المت بالبلاد

وقد توزع العراقيون وعلى اختلاف طوائفهم وقومياتهم بين مؤيد ورافض لهذه التدخلات، فمنهم من اعتقد انها اضرت بمصلحة جماعة معينة، بينما اعتبرها البعض الاخر بمثابة صمام الامان للعملية السياسية برمتها.

لذا اراد الباحث من خلال اطروحته ان يثبت بالأدلة القاطعة حكمة المرجعية العليا في التدخل في الوقت المناسب لحل الازمات سوآءا السياسية او غيرها حسبما تقتضية الضرورة القصوى.

إنّ المواضيع التي اختلف عليها العراقيون والتي ناقشتها هذه الاطروحة هي:

أولا: دور السيد السيستاني ( دام ظله) في الانتخابات الاولى التي جرت في عام ،2005 ومقاطعة البعض لها معتبرا انها انتخابات باطلة في ظلّ وجود الاحتلال.

ثانيا: كيف استطاع رجل دين مسلم ان يدعو العراقيين للممارسة الديمقراطية في بلد عانى لعقود من الظلم والاضطهاد.

ثالثا: مناقشة النظريات الشيعية فيما يخص تدخل رجال الدين في السياسة واسباب نشوءها.

رابعا: دور السيد السيستاني في حل ازمة الحكومة العراقية عام 2014 بعد ان بقيَ السياسيون طيلة ثمانية اشهر عاجزين عن ايجاد الحل المناسب لها.

خامسا: تقييم الدور الذي لعبته فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي المقدس في انقاذ العراق من سطوة الجماعات الارهابية. 

 

كانت فكرة كتابة هذه الاطروحة تعتمد على أخذ اراء العراقيين من كافة الطوائف وخاصة أولئك الذي يعتبرون انفسهم قد تاثروا سلباً بتدخلات السيد السيستاني، ومن ثم عرضت كلمات السيد السيستاني فيما يخص الموضوع  نفسه، بعد ذلك قام الباحث بتحليل اجابات المستجوَبين مع اجابات السيد السيستاني لمعرفة مدى انسجام تدخلات السيد السيستاني مع تطلعات العراقيين.

لقد كان لتدخلات السيد السيستاني (والذي يمثل المرجعية العليا في النجف الاشرف) الدور الهام بعد سقوط النظام في العام 2003 في ارساء الامن وقواعد نظام الدولة، ومن ابرز تلك التدخلات.   وقد اكد على  دوره ضرورة كتابة الدستور العراقي باقلام عراقية وبعيدا عن اي تدخلات خارجية. كذلك اصراره على ضرورة اجراء انتخابات عراقية نزية يشارك فيها جميع اطياف الشعب العراقي، بعد رفضت  قوات الاحتلال اجراءها تحت ذرائع وحجج كثيرة، منها إنَ العراق لم يكن مهيأ لمثل هذا الحدث، خاصة وان العراقيين كانوا قد عانوا من الظلم والاضطهاد لعقود من الزمن.

فاستطاعت المرجعية العليا والمتمثلة بشخص سماحة السيد السيستاني من شحذ همم العراقيين لتحدي الظروف والمخاطر للتوجه الى صناديق الاقتراع وانجاح اول عملية انتخابات وذلك في وقت قياسي مجبرا سلطة الاحتلال على الموافقة.

ومن خلال هذه الاطروحة اثبت الباحث من ان سماحة السيد السيتاني (مد ظله) لم يكن ليتخذ مثل هذه الخطوة والاصرار على اجراء الانتخابات مالم لم يكن واثقا من قدرة مشاركة جميع اطياف الشعب العراقي وبكل مدنه في تلك الانتخابات، لان المرجعية كانت وما زالت تمثل الاب الروحي لجميع اطياف الشعب العراقي، ولم تكن لتستغل الظروف لمصلحة جهة دون اخرى، وانما كان ولا يزال همها مصلحة العراق والعراقيين كلهم. وكدليل على ذلك ان نفس تلك المدن التي انخفضت نسبة مشاركتها انذاك تحت ذريعة سوء الظروف الامنية، قد شاركت وبنسبة عالية جدا في انتخابات 2005 تحت نفس تلك الظروف الامنية السيئة بل الاسوء.

إنّ دعوة سماحته للمشاركة في الانتخابات واعتبارها واجب ديني مقدس ، قد بينت للعالم كله وللغربي منه بصورة خاصة ان المرجعية الدينية العليا والمتمثلة بسماحته تؤمن بالقيم الديمقراطية، وحرية الرأي والتداول السلمي للسلطة، بعد ان شكك الكثير من الباحثين والمتابعيين للشأن العراقي من امكانية تطبيق الديمقراطية في العراق وخاصة في تلك الحقبة الزمنية.

ثم تطرق الباحث الى النظريات الشيعية تدرس تدخلات رجالات الدين في السياسة عند اقتضاء الضرورة، كما حدث ذلك في عام 1914، اي منذ تأسيس الدولة العراقية ودورهم في التعامل مع الحكومات المتعاقبة. ولربما انفرد الباحث بطرح نظرية جديدة استنبطها من تدخل السيد السيستاني في السياسة انذاك عندما اقتضت الضرورة القصوى ذلك.

كما لم تكن انتخابات 2014 حدثاً اعتياديَا بعد ان بقيَ السياسيون ثمانية اشهر في محاولات مستمرة لتشكيل الحكومة لكن دون جدوى. في الوقت نفسه كان العراق يتعرض الى هجمة شرسه من الجماعات الارهابية المتمثلة بداعش، فما كان من السياسيين الَا ان يرسلوا رسالة الى سماحة السيد يطلبون منه ايجاد حل مناسب للخروج من هذ الازمة واننقاذ السلطة العراقية من الانهيار، وهكذا قامت المرجعية بدورها الابوي في انقاذ العراق مرة اخرى وترسيخ قواعد الدولة من الانهيار.

ثم يعرج الباحث الى الهجمة الشرسة التي تعرض لها العراق في عام 2013 واحتلال بعض محافظاته من قبل جماعات داعش الارهابية وتكالب بعض الدول ذوات المصلحة عليه، بالاضافة الى انهيار الجيش العراقي و تخلي الكثير من الدول عنه رغم الالتزامات الدولية تجاهه ، كل ذلك جعل العالم  ينظر الى العراق على انه دولة قد سقطت بيد الارهاب واستحالة انقاذه. فتدخل السيد السيستاني بفتوى الجهاد الكفائي بالدفاع عن العراق وحماية ارضه ومقدساته، وهي (نداء الى كل من يجد في نفسه القدرة على الوقوف وحمل السلاح لردع هذه الجماعات) والتي كانت لها الاثر العظيم في زيادة لحمة العراقيين بجميع اطيافهم وتوجهاتهم، حتى تم النصر ودحر الارهاب بالكامل.

من خلال هذه التدخلات لا يسعنا الا ان نعتبر أنّ السيد السيستاني هو رجل المرحلة بعد 2003، حيث ان كل تدخلاته كانت تصبُّ بمصلحة العراق والعراقيين على اختلاف طوائفهم وقومياتهم، فلم يكن السيد السيستاني ينظر الى العراقيين على اساس الدين او العرق، وانما كان يرعاهم بحنانه الابوي والذي من خلاله كسب احترام الجميع، فكانت اراءه وحلوله التي يطرحها على مر السنوات السابقة محط تقدير الجميع لا سيما العالم الغربي، وقد أشادت الجمعية العامة للامم المتحدة وفي كثير من الاحيان، بتدخلات السيد السيستاني في السياسة كونها محايدة ولا تقف مع طائفة ضد اخرى.

لقد اثبت سماحة السيد السيستاني للعالم ان رجل دين المسلم لا يؤمن بالعنف والقتل سواء في حل المسائل الخلافية لاسيما السياسية منها او غيرها، وهذا ما اقر به العدو قبل الصديق.