بأقلام الشباببأقلام الشباب

شباب اليوم واقع مأساوي... مسؤولية من؟؟؟

شباب اليوم واقع مأساوي... مسؤولية من؟؟؟

ملاحظة : المقال يعبر عن رأي كاتبه

الكاتبة :مريم علي جبة

شباب اليوم واقع مأساوي... مسؤولية من؟؟؟

يعيش شباب اليوم ظروفاً يصبغها التغير السريع الذي أحدث صدمة في عادات البشر وعقائدهم وتصوراتهم فأصبح مهيئاً للمعاناة في كثرة الاضطرابات مثل: القلق، الاكتئاب، السكر، الضغط، اللامبالاة، الاغتراب بأشكاله المتعددة كالاغتراب الموضوعي والذي يتمثل بالهجرة المؤقتة أو الدائمة خارج المجتمع. فضلاً عن الاغتراب الذاتي الذي يعبر عنه الفرد عادة بسلوك لا يوافق المجتمع كالسلبية واللامبالاة والعنف والجريمة. وبذلك ينعزل الفرد عن الجماعة وبالمقابل تنعزل الجماعة عن الفرد. وهذا أمر يدعو لنشوء تفكك في بنية الأسرة والمجتمع ككل ونشوء قيم جديدة كالأنانية والفردية والذاتية.

إن الشاب الآن بات يبحث عن انتماء له، وعندما يدرك ما تلقاه من عادات وقيم لم تتوافق مع نفسيته يحاول نقدها والخروج منها إلى إطار آخر، وبمعنى دقيق فإن الشاب عندما يبحث عن انتماء آخر فهو يكون يبحث عن هويته، وهذا معناه أنه يريد الانسحاب من واقعه أو الهروب منه، ذلك الواقع الذي يعيش فيه، وعندما لا يجد أملاً في إيجاد ما يبتغيه يصاب بحالة من اليأس والملل تؤدي إلى ازدواجية في المعايير. وعلى العكس من ذلك فإن الشاب اليوم إذا كانت أفعاله منظمة وتسير نحو غاية محددة يحكمها العقل والتفكير فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج إيجابية بحتة، فثمة إدراك قيمة للوقت لدى هذا الكائن وما إن تم إدراك قيمة للوقت فإن ذلك سيؤدي إلى استثمار هذا الوقت ذلك الاستثمار الأمثل، إذ أن العلاقات الوظيفية الحركية بين الوقت وأفراد المجتمع شرط لازم لدفع حركة التنمية إلى الأمام حيث يرتبط جوهر المسألة بأساليب تنظيم الوقت وتوزيعه إلى وقت عمل ووقت فراغ بشكل عقلاني وعلى مختلف الأصعدة، وأن التفكير المنهجي في تنظيم الوقت هو ما يميز نجاح مجتمع عن آخر، ولا يمكن لحضارة أن تتقدم وترتقي ما لم تدرك أهمية الوقت، وكيفية استثماره، والشعوب تتقدم باستثمار الوقت لأنه الصلة بالحياة والبناء الاجتماعي.

وعلى اعتبار أن جيل الشباب هو الأساس لكل المشروعات الاقتصادية والاجتماعية الشاملة فإن نجاح هذه المشروعات يتوقف على حسن تنشئة ذلك الجيل واستخدامه الوقت استخداماً أمثل، وهنا يبز السؤال التالي: على عاتق من تقع مسؤولية تنظيم وقت الشباب؟؟؟

نحن إذاً أمام مشكلة حقيقية لا بد من محاولة تفهمها من جذورها، فالشاب هو الطرف الأول بما يحمل من طموحات ورغبات والمجتمع وما يحمله من اضطرابات وتوترات وتعقيدات هو الطرف الآخر.. وجيل الشباب هو العقل المبدع الذي يسهم في دفع حركة التطور، ونجاح أي مشروع يتوقف على حسن تنشئته وإدراكه أهمية الوقت وتقديره الواجب والمسؤولية ومشاركته الاجتماعية في أوقات عمله وفراغه.. وتلعب الأسرة الدور الأهم والحاسم في توجيه الأبناء وتدريبهم على أهمية وقت الفراغ وكيفية استثماره وتنظيمه، وعلى اعتبار أن الأسرة هي الجماعة الإنسانية الأولى التي يلتقيها الطفل منذ نعومة أظفاره ويتفاعل معها، فهي التي توجهه وتدربه على القراءة وممارسة الرياضة وتنمية الهوايات والمهارات وعلى أساسها يتم إعداد جيل المستقبل. ومما لا شك فيه أن الاستقرار في العلاقات الأسرية يسهم إسهاماً كبيراً في إزالة التوتر والقلق والصراع لدى الشباب فتخلق ميلاً لدى الأبناء في ممارسة الأنشطة الإيجابية، وأي انحلال في العلاقات والروابط بين الأفراد والذين يكونون المجتمع الكبير، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج سلبية، وصلاح الأسرة يعني صلاح الأبناء، وفي ذلك صلاح للمجتمع ككل. وفي حال ساد الأسرة اضطرابات في علاقاتها فإن ذلك يؤكد شعوراً بالفراغ وفقدان التوازن النفسي، وفي هذه الحالة سيلجأ جيل الشباب إلى البحث عن ملجأ يحقق فيه ذاته، والأسرة باعتبارها أكثر دواماً واستمراراً في نفسية الأبناء فإما أن يكون لها الدور الإيجابي البنّاء من خلال خلق الميل والاتجاه الصحيح أو الدور السلبي المعرقل، مما يؤدي إلى انصراف الشباب إلى اللهو والضياع، كما أن دور المجتمع لا يقل عن دور الأسرة إذ أن تقصيراً منه ينعكس سلباً على جيل الشباب لأن ممارسة الأنشطة في أوقات الفراغ تأتي نتيجة الخطط والبرامج التي سنّها المجتمع لملئ أوقات الفراغ.