فقه الشبابفقه الشباب

رسالة المولد المقدس

رسالة المولد المقدس

بسم ا... الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

رسالة المولد المقدس

إن التاريخ بطبيعته سيال كالنهر الجاري لا يقف عند منعطف أو شخص ما، إلا أنه وقف مرغماً عند منعطفات مصيرية وشخصيات قدسية غيرت وجه الأمة والتاريخ الإنساني، إذ لولاها لما وجد فيه وجه مشرق يبعث على الأمل أبداً.

ومن هذه المنعطفات والشخصيات التي وقف عندها التاريخ، مناسبة وليد الكعبة المشرّفة، وصاحبها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، إذ سجل لها ومنذ ذلك الحين المعاجز والفضائل والكرامات التي بيّنت مكانته وكشفت عن ركنيتها في الدين والدنيا، وبهذه المناسبة العطرة سوف نهدي لشبابنا بعضاً منها فنقول:

إن علياً (عليه السلام) له مكانة مرموقة في المنظومة الإنسانية لا يدانيه فيها أحد من الخلق ممن هو دون رتبة المعصوم تستحق أن تكون أسوة للخلق وصاحبها نموذجاً يُحتذى، فهو: (عنوان الوحدة الإنسانية)، و(عنوان الغيرة البشرية).

فأما عنوان الوحدة الإنسانية، فنقصد به إطفاءه للفتنة ومنعه انشقاق الأمة بعد النبي (صلى عليه وآله)، بالتقيّد بالأوامر النبوية بالتزامه الصبر مهما أثير من قبل الجانب الآخر، وقد كان لهذا الالتزام الأثر البالغ في منع الفتنة الداخلية والحرب الأهلية التي كان يسعى لإشعالها اليهود والنصارى والمنافقين والحاقدين على هذا الدين ورجاله الربانيين، وبذلك حفظ وحدة المسلمين جميعاً، وأبعد الخطر الداهم -برعاية الروم- عنهم وعن دينهم ودولتهم المباركة، كما حفظ بها جهود النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) من الضياع والاندثار.

وأما عنوان الغيرة البشرية، فنقصد بها ما كان يقوم به من نصرة للمظلوم والانتصاف للمحروم والدفاع عن الشرف والناموس، مهما كان نوعه وجنسه ومذهبة، ومهما بعُد مكانه أو قرب، كيف لا وهو الحاكم الإلهي العادل، ومثاله: ما نقله التاريخ من حدث تاريخي في حياته(عليه السلام)، عندما كان حاكماً للدولة الإسلامية كان صاحب الشام متمرداً عليها، وقد أمر بسر بن أرطأة مولاه أن يغير على العراق من دون الوصول إلى عرين الأسد ويقتل كل من كان على غير رأيه، وكان يقصد بعرين الأسد: (الكوفة)، والأسد هو: علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وقد وصلت خيل هذا المخالف إلى الأنبار، وأخذت تسلب وتقتل، وقد تناهى إليه خبر هذا الاعتداء الآثم على الناموس والأعراض، فصعد المنبر محشماً القوم بقوله: (سمعت أن الحرة في الأنبار تسلب قرطها ولو أن امرأً مات على ذلك لما مات ملوماً )، وسبحان الله ما أشبه اليوم بالأمس، إذ يحتاج الناس إلى هذه الوحدة وهذه الغيرة العلوية الإلهية.

وختاماً فلنجعل من هذه المناسبة السعيدة وصاحبها الإمام العظيم عنواناً لوحدنا ورمزاً لغيرتنا ومناراً لهدينا وسبيلاً لتقدمنا وصراطاً لمسيرتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                          المشرف الفكري

لدى مركز رعاية الشباب