شباب خالدونشباب خالدون

-انا مع الحسين- قالها طلبا للشهادة

-انا مع الحسين- قالها طلبا للشهادة

"مع الحسين" قالها طلبا للشهادة

شباب عرفوا خلاصهم بالحسين فاخلصوا بولائهم له وضحوا بأنفسهم ليختاروا طريق الفلاح ، خلاصة ما ستقرأونه في هذه القصة التي يحكيها شيخ كربلائي شاهد أحداثها وعاش تفاصيلها ليصل بحكمتها الينا ..
 في سنة 1991 وبعد دخول قوات الحرس الجمهوري الصدامي إلى مدينة كربلاء المقدسة، وقمع انتفاضة رجالها وشبابها، وضرب القبة الحسينية المشرفة والاعتداء على مقدساتها وحرمتها.. وترك جثث ثوارها منتشرة بين أنقاض البنايات، وآلة الموت الصدامية تسحق بجنازير الدبابات كل شيء يتحرك، واشاعة الرهبة والخوف عند نساء وأطفال قلعة الحسين (كربلاء الذبيحة) من قبل القوات الخاصة وأجهزتها الرهيبة تسوق الآلاف من الشباب إلى المذابح.. يقول صاحبنا الشيخ: "كنا حوالي ثلاث سيارات، والأجهزة تأخذنا لا نعرف إلى أين؟!..  لكن باتجاه الصحراء خارج كربلاء.. الى طريق آخر وجدنا قوات أخرى بانتضارنا، فحوّلوا مسارنا باتجاه طريق صحراوي يظهر فيه آثار جنازير الدبابات.. ثم أنزلونا في أرض مستوية، تحيط بها التلال الرملية وبركلات الجنود والضرب بأخمص البنادق، والشتائم القذرة.. وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع المجرم حسين كامل.. فقلنا مع أنفسنا: هذه هي نهايتنا.. كان متغطرسا مشمئزا، وكنا نتقصد التحديق الى التراب؛ لكي لا نرى بشاعة وجهه، لكن بشاعة ألفاظه وعصبيته تجبرنا للنظر إليه، وفي كل لحظة نقول: سيصدر أمره بإطلاق النار علينا، فنعيد التشهد مرارا وتكرارا.."
ثم قال ما خلاصته: "من منكم مع صدام حسين، ومن مع الحسين؟..
يقول : "ارتعدنا لهذه المقارنة، فعشرات من فوّهات البنادق مصوبة إلينا، ولم يطل تفكيرنا وخيارنا للتخير، حتى نهض شاب في حوالي السادسة عشرة من عمره، وقال بصوت جريء وثابت : أنا مع الحسين .
فقال له المجرم حسين كامل : اذهب وقف هناك!..
ثم ساد صمت رهيب وكان المجرم يتخطى فوق رقابنا، ويتبختر ثم رفع يده فادفَعَ أحد كلابه بندقيته، وهيأها للرمي، فسددها باتجاه الشاب وافرغ ما فيها من طلقات.. فسقط ذاك الشاب مضرجا بدمائه، ثم عاد والتفت إلينا وأعاد سؤاله ثانية: من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟ فنهض شاب آخر بعمر الأول تقريبا وقال أنا مع الحسين وهو مبتهج".
فقال له المجرم: "اذهب وقف هناك بجانب تلك الجيفة -(وطبعا كان يقصد الشهيد الذي أطلق النار عليه) فذهب الشاب بخطوات ثابتة ، ولكن قبل أن يصل الى الشاب الاول أطلق عليه النار وسقط هو الآخر مضرّجا بدمه".
يقول الرجل: "كان حسين كامل مرعوبا، رغم أنه هو الآمر الناهي، ولم يكرر سؤال من مع صدام ومن مع الحسين؛ مستدركا أنه :لئلا يتفاجأ بأن الجميع يمكن أن يكونوا مع الحسين".
ويقول :"ثم انهال علينا بأفظع الشتائم والسباب في أعراضنا، وشرفنا. ثم قال لنا: يله وللو.."
يقول :"فلم نصدق كلماته الأخيرة إلا حين انهالت علينا الركلات ثانية، فنهضنا بأسرع ما يمكن، وهرولنا على غير هدى ونحن مقيدي الايدي، ونتلفت مذعورين ونتفرّس في وجهي الشهيدين الشابين؛ لكي نحفظ ملامحهما جيدا، ولكي نتعرف على الأقل من هما ؟"
يقول وهو ساخرا من نفسه: "ذهبنا نحن جماعة صدام حسين إلى بيوتنا واستشهد شابين في عمر الربيع وهما مع الحسين".
يقول "في تلك الليلة في عالم الرؤيا رأيت الإمام الحسين (عليه السلام) قادما، ومن خلفه رجال تبدوا عليهم الهيبة أظنهم شهداء الطف وهم بكل على خيولهم. فتوقف الإمام الحسين عند الشهيد الثاني، فترجل (عليه السلام) وقبله وحمله ووضعه على فرسه، ثم قال للشهداء : هذا الرجل يدفن معي في الضريح".
ثم خطى باتجاه الشهيد الشاب الذي قتل أولا، وقبله أيضا وحمله على فرس أحد الشهداء وقال:
أما هذا فيدفن عند الشهداء في ضريحهم".
فسأله أحدهم : "يامولاي لماذا والاثنان استشهدا في سبيل الله؟
فأجاب الإمام: "نعم، الاثنان استشهدا في سبيل الله؛ لكن الثاني رأى الموت بعينيه، فقال: أنا مع الحسين". .