العدالة الاجتماعية في فكر الامام علي عليه السلام .
إن منهج الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في العدالة الاجتماعي ينقسم إلى محورين: الأول هو التربية الدينية المؤمنة بالفرد والمجتمع، والثاني السياسة الاقتصادية الناجحة. أما المحور الأول فإذا تمّ التأسيس للتربية الدينية بالشكل الصحيح فالكل سيعرف حقوقه وواجباته. وبالتالي لا ظالم ولا مظلوم، وخير مصداق لذلك يتجسد في مقولة الإمام (ع) عليه السلام الخالدة عن العدالة الاجتماعية العالمية: إن الإنسان إما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. وهنا علينا الوقوف عند قوله في الدين بشكل مطلق لم يخصص قوله بالدين الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي وغير ذلك، بمعنى أخوة في التوحيد وإذا كان غير ذلك فقد خلقنا الله من نظير متشابه في الخلقة. هذه دعوه للتسامح الاجتماعي والمساواة في تقبل الآخر وينطلق من التفهم الديني كتربية وتهذيب وزرع النفوس الطيبة فكلما ارتقى الإنسان بتعاليمه الدينية كلما وصل إلى مرحلة السمو الاجتماعي. أما المحور الثاني فهو السياسة الاقتصادية والتي يمكن أن تعرف بمجموعة من الإجراءات التي تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي ومن خلال الاطلاع على سياسة الإمام علي عليه السلام الاقتصادية أثناء خلافته الرابعة في العهد الراشدي أرى أنها تقترب ما نستطيع تسميته الان بالمنهج الاقتصادي الاشتراكي الساعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية على قدم وساق من خلال عمله عليه السلام المساواة في العطاء بين العرب و الموالي أو دعم الفقراء او صيانة بيت المال أو إلغاء تقريب أقرباء الخلفاء السابقين من الشؤون المالية وحتى عن نفسه ومحاورته المشهورة مع أخيه عقيل أو القضاء على الفساد المالي والاثراء غير الشرعي. ونظر إلى الزكاة على أنها مورد هام في تحقيق العدالة الاجتماعية عندما ربطها بتحقيق العدالة المعنوية والمادية للمزكي من توفير امثل الوسائل الضامنة المساعدة في التعبد والتقرب من الله تعالى وأيضا تلبية الاحتياجات لكل مسلم وبخاصة السكن والأمور المعيشة. ودعم التجارة بشرط تفقه صاحبها بالأمور الدينية وبخاصة ما يتعلق بالاحتكار وضبط الأسعار فهناك تسعيرة شرعية أقرها الدين الحنيف لا يمكن تجاهلها. ان هذه المعطيات تصب في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية فالاقتصاد له دور مؤثر وفاعل في الاستقرار الاجتماعي منحه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مكانة أساسية مهمة.
أ. د. عدي حاتم المفرجي