بأقلام الشباببأقلام الشباب

رشوة اب

رشوة اب

اليوم  وانا ادخل المستشفى عصرا  بعد يوم مرهق   لاني كنت احضر احدى الندوات عن  حوكمة  الانظمة الامنية وسيادة القانون  واثرها في الامن الانساني والتنمية والعدالة  الاجتماعية في انظمة الحكم الانتقالية طرح فيها خبراء من منظمة الامم المتحدة عصارة التجارب العالمية من اجل الرقي  والاصلاح القانوني في العراق.
 شاهدت صبيا يقود اخيه الاكبر وهو مجبرا ذراعه الايسر بالجبس (لديه كسر  بسيط في عظم الزند الايسر وقد عولج تحفظيا بالساندة الجبسية) وعندها قلت له خير عمو ليش ماتدير بالك من تسوق (تركب البايسكل ) الدراجة وحسبت نفسي فطننا وواكملت سؤالي وابوك اشتراها بمناسبة نجاحك .... لان الان موسم توزيع النتائج والاباء يشترون هدايا لابنائهم الناجحين..........
بكى الولد المكسور ونزلت من عينيه الدموع وضحك بقهقهة عاليا اخيه الصبي الصغير فتهت في تفكيري بين هذا الموقف الازدواجي بين بكاء الولد المكسور و الضحك الهستيري لاخيه الصبي الصغير.......
وضاع عني التبصر والاستقراء للموقف الازدواجي بين الضحك والبكاء لاكتشف سخرية القدر.....
اجابني الصبي الصغير عمو ان كسر يد اخي نتيجة لتلقيه ضربات ابي (شرطي المرور) بعد عودته من يوم متعب ودامي في بغداد......
وانا كأني عباس المستعجل في التصريحات كما يقول المثل البغدادي ومثل باقي العرب والعراقيين لنا الظاهر من الامر  ونسرع بالحكم ونبني عليه تفكيرنا بدون تفحص ودراية  شمولية كافية .....
فانبريت للصبي وهل شاهده ابيك يقود دراجته عكس السير او يقودها في الطرق العامة.......
فاجابني الصبي بخباثة : (عمو شبيك مستعجل احنا حتى دراجة ماعدنا بس انا قلت لاستعلامات المستشفى حتى احمي ابي من المسائلة والعدالة وتم معالجة اخي اسرع وهكذا نسجل جميع حوادثنا قضاء وقدر).....
 عمو عفية دوختني وانا دايخ بالوضع العراقي وارهاب داعش.....
الصبي وهو يضحك عمو داعش مالهم علاقة هاي امي النادرة من شافت ابوي تعبان من الشغل قالت له ابشرك الولد جابوا شهايدهم (نتائجهم ) فاخرج ابي صفارته من جيبه وصفر ثلاث مرات وهو يدعونا للتجمع للاطلاع على نتائجئنا......
فبرز له اخي المسكين هذا بنتيجته المصبغة بالدوائر الحمراء الخمسة فنظر ابي له شزرا مزرا وانهال عليه بالضرب والنطح والبوكسيات والراشديات حتى كسر له يده.....
 فقلت له عفية عليك عمو انت ناجح وقد قللت من غضب ابيك وحزنه على رسوب اخيك بنجاحك......
اجابني الصبي لا عمو اني هم راسب وشهادتي محمرة ......
قلت له اذا لماذا لم يضربك ابيك مثل اخيك.......
ضحك الصبي عاليا وقال عموا انا وضعت في وسط شهادتي عشرة الالاف دينار واعطيتها لابي.......
قلت له وماذا فعل ابيك حينها.........
قال عموا دس العشرة في جيبه وقال علي وليدي انت بعدك صغير وامامك متسعا من الوقت لغرض ان تنجح.........
وقتها ضحكت وبكيت في ان واحد وكررت المثل العراقي (قيم الركاع من ديرة عفك)...........

الدكتور الاستشاري
رافد علاء الخزاعي
مستشفى الجادرية الاهلي